أجهزة للكشف عن العيوب الخلقية والأمراض الوراثية
ساعد علم تشخيص أمراض الجنين على اكتشاف وتشخيص العيوب في الأجنة داخل الأرحام وخاصة العيوب الجراحية التي تستدعي الإصلاح الجراحي المبكر بعد الولادة مباشرة اضافة الى أن هذا العلم أتاح متابعة دقيقة للجنين أثناء شهور الحمل ومراحل تطوره.
وعن تشخيص أمراض الجنين يقول الدكتور خالد جابر أستاذ أمراض الجنين بالمركز القومي للبحوث أن تشخيص أمراض الجنين هو القدرة على اكتشاف العيوب الخلقية والأمراض الوراثية في الجنين قبل الولادة ويعتبر الأمر ثمرة من ثمرات التقدم التكنولوجي حاليا حيث تمكن العلماء من الحصول على معلومات عن الجنين خلال مراحل تطوره في الرحم واستتبع ذلك امكانية الكشف المبكر عن تشوهات الجنين وما تلاه من انخفاض في نسبة الوفيات .
وفي المعدلات المرضية لحديثي الولادة وأشار الى أن الدراسات العلمية أظهرت أن 5- 10% من المواليد مصابين بعيوب خلقية تتراوح بين عيوب بسيطة غير مؤثرة على حياة المولود وأخرى عيوب شديدة ومؤثرة على المولود وعلى حياته وبعض هذه العيوب نتيجة لأسباب وراثية أو أسباب مرتبطة بالحمل وإن كانت الدراسات قد أرجعتها لأسباب غير معروفة.
وأشار الى أن مهمة طبيب أمراض الجنين أن يطمئن الأم والأسرة على سلامة الجنين أو يبصرهم بطبيعة الحالة المرضية إن وجدت علما بأن أكثر من ثلث عيوب الجنين يمكن تشخيصها أثناء الحمل.وتعود أهمية إجراء فحص الجنين كما يقول الى عدة اعتبارات أولها الاطمئنان على صحة وسلامة الجنين .
وفي حالة ظهور مرض أو تشوه بالجنين قابل للعلاج أثناء أو بعد الولادة يتم نصح الأم بالولادة في أحد المراكز المتخصصة كما أن التشخيص يساعد الأسرة على اتخاذ القرار بشأن الحمل التالي وما يمكن ترتيبه له. وباستخدام التقنيات الحديثة يمكن تشخيص معظم أمراض الجنين عن طريق ثلاثية الموجات فوق الصوتية والدلالات البيوكيميائية في دم الأم الحامل ومن خلال بذل عينات من أنسجة الجنين وتحليلها وراثيا سواء للكروموسومات أو عن طريق تقنية الوراثة الجزئية.
وقال ان الموجات فوق الصوتية تعتبر من التقنيات الآمنة على الأم والجنين ولم يثبت لهما أي أضرار أو تشوهات فهي تعتمد على موجات ترددية وليست أشعة كما تعتبر هذه الموجات فوق الصوتية العمود الفقري في مجال طب وتشخيص أمراض الجنين والاجهاض المتكرر. وعن طريق الفحص يتم تحديد عمر الجنين بدقة ووضعه داخل الرحم كذلك وضع المشيمة وكمية السائل الأمينوسي المحيط بالجنين كما أنه يساعد الطبيب المتخصص الفاحص على إجراء بذل العينات من أنسجة الجنين بأمان تام وكذلك دراسة نمو الجنين خلال فترات الحمل المختلفة مما يساعد الأم والأسرة على الاطمئنان.
وأشار الى أنه قد حدث تطور سريع ومذهل لهذه الموجات وذلك بإدخال تكنولوجيا الموجات فوق الصوتية ثلاثية ورباعية الأبعاد وتعتمد تلك التكنولوجيا على التطور في مجال الكمبيوتر وذلك بإدخال عامل الزمن كبعد رابع لتتم رؤية الجنين داخل مجسم أثناء نموه داخل الرحم ويمكن الحصول بذلك على صورة مجسمة حية متحركة وحقيقية للجزء المطلوب الكشف عنه .
وبذلك يمكن الاكتشاف المبكر وبدقة للعيوب الخلقية وخاصة الدقيقة منها كما أن هذه الأبعاد الجديدة تمكن الطبيب الفاحص من استرجاع الفحص أو تسجيله لإمكانية اعادة دراسة الحالة بعد خروج المريض أو إرسال الفحص الكامل الى مراكز متخصصة أخرى بواسطة البريد الالكتروني مما يساعد على اتخاذ القرار العلمي السليم كما أن هذه الأبعاد تمكن الطبيب من فحص الحالة على مختلف المقاطع التي يريدها حتى بعد إنتهاء الفحص.
حيث ان الفحص بالموجات فوق الصوتية العادية ثنائية الأبعاد كانت تعطي صورة مجسمة فقط في مخيلة الطبيب وذلك عن طريق صورة تخيلية تعمد على خبراته العلمية. ولكن الأجهزة الجديدة يظهر صورة مجسمة ومتحركة وحقيقية للجنين أمام الأم والطبيب كما أن درجة نقاء ودقة الصورة في الجهاز الحديث تجعل امكانية دراسة مختلف أنسجة الجنين أوضح وأيسر كما أن الجهاز يقوم أيضا بدراسة تدفق الدم بالحبل السري والأوعية الدموية داخل الجنين وبذلك يمكن وصف العلاج الصحيح أو اتخاذ القرار الطبي تبعا لنمو الجنين وحالته الصحية.
ويشير الدكتور ياسر سعدالدين أستاذ جراحة الأطفال الى أن توافر الأجهزة الحديثة من الموجات فوق الصوتية ثلاثية ورباعية الأبعاد أسهم في التشخيص لأمراض الجنين قبل الولادة بدقة فهذه الأجهزة قادرة وبكفاءة أن تشخص العيوب الخلقية في المجاري البولية بنسبة 90 ـ 100% بما فيها الكلى والمثابة البولية وبنسبة 80 ـ 90% من العيوب للجهاز العصبي و70 ـ 80% من العيوب الخلقية في الجهاز الهضمي والقلب والأوعية الدموية.
وأشار الى دراسة تم إجراؤها بجامعة الاسكندرية تم فيها فحص 3528 سيدة حامل على مدى عامين اكتشفت 11 حالة عيوب خلقية جراحية في الأجنة 6 منهم يعانون من انسداد خلقي بين الحالب وحوض الكلى وحالة ورم سرطاني على الكلى وحالة كيس على المبيض وحالة كيس خلقي سحائي في الدماغ بالاضافة الى حالة فتق خلقي بالبطن والسرة وقد تم إجراء الجراحة لحالة الورم السرطاني على الكلى في الأسبوع الأول من الولادة دون الحاجة الى علاج كيميائي بعد الولادة وشفي الطفل تماما.
أما حالات الانسداد الخلقي لحوض الكلى عولجت جراحيا بعد الولادة وذلك باعادة إصلاح حوض الكلى وفك الانسداد خلال الشهر الأول من الولادة مما أنقذ الكلى وحافظ عليها من التلف.
وعن فائدة الموجات فوق الصوتية في علاج الإجهاض المتكرر يقول الدكتور أسامة محمود عزمي أستاذ النساء والتوليد بالمركز القومي للبحوث: المعروف أن الموجات فوق الصوتية ذات أهمية في إتمام الحمل بسلام واكتشاف المشاكل التي قد يتعرض لها الجنين وعلاج بعضها أثناء فترة الحمل فالمعروف أن هناك أسبابا متعددة للإجهاض المتكرر مثل اضطرابات الغدد الصماء واضطرابات الجهاز المناعي والالتهابات المختلفة وأيضا الأسباب الوراثية والعيوب الخلقية بالرحم .
وعنقه وتستطيع هذه الموجات الحديثة ذات الأبعاد الثلاثة والرباعية في اكتشاف وعلاج السبب الأخير من أسباب الإجهاض المتكرر، فالعيوب الخلقية بالرحم وعنق الرحم مسئولة عن حوالي 10% من أسباب الاجهاض المتكرر وهذا يوضح أن ربط عنق الرحم هو الطريقة الأكثر شيوعا في مثل هذه الحالات ونجد أن 90% من هذه الحالات نقوم بإجراء هذا الربط دون داع له. فكثيرا ما نسمع من أن سيدات قمن بربط عنق الرحم ومع ذلك حدث لهن إجهاض.
ويشير د. أسامة أن هؤلاء السيدات لم يكن السبب الحقيقي لديهن هو ضعف عضلة عنق الرحم بل سبب آخر لم يتم علاجه ومن هنا جاءت أهمية الموجات فوق الصوتية لتشخيص اتساع عنق الرحم من عدمه وذلك في كل أسبوعين أثناء الحمل وتبين هذه الموجات في حال اتساع عنق الرحم أن العنق يتسع باستمرار مع تدني في مستوى كيس الحمل عن الوضع الطبيعي في هذه الحالات فقط يكون ربط عنق الرحم هو العلاج الناجح للإجهاض المتكرر.
ومن بين الأشياء المهمة والتي تؤدي الى الإجهاض وتكتشف بمساعدة الموجات فوق الصوتية هي بعض العيوب الخلقية للرحم مثل الرحم ذي القرنين حيث ان الرحم في الأصل ينتج عن اتحاد جزأين أحدهما يأتي من الجهة اليمنى والآخر من الجهة اليسرى ويتم اتحادهما في منتصف الحوض ويتحلل الحاجز الذي يفصل بينهما مكونا رحم واحد كبير ولكن في حوالي 3% من الحالات لا يحدث هذا التحلل .
وبذلك يظل الرحم مكونا من جزأين كلا منهما لايستطيع التمدد الى نهاية الشهر التاسع وبذلك يحدث الإجهاض في شهور مختلفة تتراوح ما بين الثالث حتى السابع وعن طريق إجراء عملية جراحية تتم بالمنظار وبمساعدة الموجات فوق الصوتية يتم فيها إزالة هذا الحاجز ويمكن أن تحمل السيدة في الشهر التالي ويكتمل حملها بإذن الله.